الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

من مبلغ الحيين أن مهلهلا !!!


لا شك أن كُلَّ من تابع مسلسل الزير سالم -وما أكثرهم- يتذكرون آخر اللقطات منه، تلك التي تحكي مقتله على أيدي عبدين فاستوقفهما بعد أن عرف كيدهما، وطلب منه تحقيق رغبة أخيرة لميت، وهي أن يوصلا لأهله بيتا من الشعر:          
من مبلغ الحيين أن مهلهلا
 ~~~ أضحى قتيلا في الفلاة مجندلا 
فكان فيه هلاكهما فيما بعد؛ وذلك حين فسرته اليمامة بنت أخيه فإذا هو صدرا بيتين:
من مبلغ الحيين أن مهلهلا ~~~ أضحى قتيلا في الفلاة مجندلا
لله دركما ودر أبيكما ~~~ لا يبرح العبدان حتى يقتلا
وهما بيتان توقفت عندهما كثيرا وبحثت عنهما في ديوان المهلهل فلم أجدهما، ولم أجد أحدا من العلماء رواهما للمهلهل، إلا المسلسل ، إلى أن وقعت عيني مرة -وأنا أقرأ كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة- على أبيات تشبههما لكنها ليست للمهلهل وإنما للمرقش الأكبر يقول فيها:
يا راكبا إما عرضتَ فبلِّغنْ ~~~ أنس بن عمرو حيث كان وحرملا
لله درّكما ودرّ أبيكما ~~~ إن أفلت الغُفليُّ حتى يقتلا
من مبلغ الفتيان أن مرقّشا ~~~ أضحى على الأصحاب عبئا مثقلا
ذهب السباع بأنفه وتركنه ~~~ ينهسن منه في الفقار مجدّلا
وكأنما ترد السّباع بشِلوِه ~~~ إذ غاب جمع بني ضُبيعة منهلا

قال ابن قتيبة عن المرقش: "وهو أحد عشاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته أسماء بنت عوف بن مالك ... وكان أبوها زوّجها رجلا من مراد، والمرقش غائب، فلما رجع أخبر بذلك فخرج يريدها ومعه عسيف له من غفيلة، فلما صار في بعض الطريق مرض، حتى ما يحمل إلا معروضا، فتركه الغفيلي هناك في غار وانصرف إلى أهله، فخبرهم أنه مات، فأخذوه وضربوه حتى أقر فقتلوه، ويقال إن أسماء وقفت على أمره فبعثت إليه فحمل إليها وقد أكلت السباع أنفه (فقال الأبيات)، ويقال: بل كتب هذه الأبيات على خشب الرحل، وكان يكتب بالحميرية، فقرأها قومه، فلذلك ضربوا الغفيلي حتى أقر". (الشعر والشعراء، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ج1، ص: 186- 187.
...........
..طارق..