علوم الدين والجهل اللعين...............................
وجدت إحدى "المثقفات" تهذر في صفحتها هذرا لا أدري من جهل أم من نقص علم، وكان مضمون ما قالته: أن ما قام به الفقهاء من قياسات واستنباطات لا يمكن أن يسمى علما لأنهم لم يحكموا العقل بل كان قياسهم نقلا من القرآن والعلم الحقيقي هو العلم التجريبي لأنه يتوصل إليه بالعقل لا بالنقل...
...........
وكان ردي عليها آنذاك بكلمات هذا نصها:
السلام عليكم ورحمة الله، أعجبني ما نشرته الأخت ... وهو قول له نصيب من الحقيقة في بعضه، وذلك مثل قولها إن الفقهاء لم يخرجوا عن النقل أي القرآن والحديث النبوي، وهذا أمر نتفق فيه جميعا، بل هو أهم ميزة في العلوم الإسلامية، ولكنها ارتكبت خطأ لا أدري أهو منهجي أم معرفي، حين رجحت أن هذه الجهود لا يمكن أن تسمى علما، وهذا لعمري تجاوز لا أدري ما سببه؛ أهو الجهل بالعلوم أم التعصب ومجرد التزمت المضاد للدين. ما أريد قوله أيتها الأخت أن الاستنباط العقلي هو ميزة كل العلوم الإنسانية، بل هي ميزة كل العلوم حتى التجريبية منها، ليس هنالك علم لا يأتي بالاستنباط والملاحظة باختلاف أنواع الاستنباط وكيفية الاعتماد على المواد الخام لتحليلها، سواء كانت مواد طبيعية أو فيزيائية كما هو الحال في العلوم التجريبية، أو ظواهر اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية كما هو الحال بالنسبة للعلوم الإنسانية، وبالتالي فإن ما جاء من استنباطات من القرآن والسنة إنما هي تحليلات لا تخرج عن العلمية في شيء اللهم إلا إذا كانت استنباطات خارجة عن القواعد المنهجية لأي علم من العلوم فهنالك نقول ليس علما طبعا. ولا يفوتني أن أذكر للأخت الكريمة أن العلوم الإسلامية ليست منحصرة في الحلال والحرام فحسب، وإنما هنالك علوم منهجية كانت تؤسَّس ابتداءً من المنطق والعقل منها مثلا علم أصول الفقه، وعلم أصول الدين الذي هو العقيدة، نعم قد تقولين إن العقيدة لا تخرج عن نصوص الدين، أقول بلى وقولك صواب، لكن كيفية قراءة تلك النصوص، والقواعد التي أسست لاستنباط ما استُنبِط من الأحكام شيء آخر. وإلى هنا أقول لك أختي إن ما رفضتِ تسميته علما هو علم له ارتباطات بعلوم آخرى تستمد بعض أركانها من الكتاب والسنة نعم لكنها تبقى علوما للأسباب التي ذكرت آنفا، كما أنني أنصحك أن توسعي دائرة مطالعتك في التي أسميها أنا علوما إسلامية ولا تكتفي بالقراءة عنها فإن السماع عن الشيء ليس كمعرفته، وليس من رأى كمن سمع ...
ثم إني أسأل: كيف خطر على عقلك النقي من كل علم أن تجمعي بين متناقضين فتقولين إن القياس نقل وليس فيه دور للعقل، ألا سألت عن القياس في العلوم الإسلامية بل في الفلسفة والمنطق؟ إن لم يكن القياس تحكيما للعقل وفقا لمنهجية معينة فإنه تخريف.
أردت أن أقول كلاما كثيرا ولكني أوثر التوقف والاكتفاء بهذا الأمر ونصيحتي لهذه ولغيرها أن تصمتوا إن كانت عقولكم لا تفهم ولا تستوعب، ولا تنشروا ما تدعونها انتقادات بالمغالطات والانحرافات المنهجية.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل ..
........12 سبتمبر 2017.......
... طارق ... |
الأحد، 8 يوليو 2018
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق